Main navigation
ارة ليست مجرد تراكم تقني أو تقدم مادي، بل هي الوجه الشامل للوجود الإنساني المنظم، حيث تتفاعل المعرفة مع القيم، والروح مع المادة، والفرد مع الجماعة. والفلسفة تنظر إليها بوصفها ظاهرة كونية–إنسانية تعبّر عن معنى وجود الإنسان على الأرض، وعن محاولته المستمرة لتحقيق التوازن بين حاجاته الحيوية ورسالته الروحية.
واعتبرهيغل أن الحضارة تجلياً لمسار الروح المطلق في التاريخ. فالحضارات مراحل من تطور الحرية الإنسانية، والإنسان يحقق ذاته عبر مؤسسات الدولة والقانون والفن والفكر.
وأماالفكرالمعاصرفيركز على فكرة أن الحضارة هي منظومة قيمية–مادية، لا يمكن اختزالها في التكنولوجيا أو العمران. بل تشمل حقوق الإنسان، العدالة، الإبداع العلمي والفني، وحسن استثمار الطبيعة دون تدميرها
مع الأخذ بجدليةالعلاقة بين الحضارة والثقافة
فكثير من الفلاسفة يرون الحضارة "الإطار الكلي"، والثقافة "الروح الداخلية".
ولا تُقاس فقط بمستوى الإنتاج أو القوة العسكرية أو التكنولوجية، بل بقدرتها على:
تحقيق إنسانية الإنسان: أي صون الكرامة والحرية.
وإدارة التوازن بين المادة والروح، بين العقل والغريزة.
ولكي نصل إلى الحقيقة لابد من الخروج من منهج سؤال وجواب الذي يرتكز عليه البحث الفلسفي وذلك بإبراز الجانب الروحي وجعله صميم بحثنا ولا أقول الجانب الماورائي لأنه بالنسبة لنا كمسلمين يمثل حقيقة مطلقة وماسواه فرضيات ينتجها العقل بفعل حركته فى الواقع ليس إلا، الشيء الذي يقتضي منا الإنطلاق من حقيقة استخلاف الإنسان فى الأرض الذي ورد فى القرٱن الكريم أكثر من مرة وكذلك تحميله الأمانة
حيث قال جل من قائل (إني جاعل فى الأرض خليفة )وكذا قوله تعالى (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض و الجبال فأبين أن يحملنهاواشفقن منها وحملها الإنسنان إنه كان ظلوما جهولا)وبالعودة إلى الٱية الأولى ندرك أن سر قبول الإنسان تحمل الأمانة ليس طوعيا بل مشيئة ربانية و علة خلق فهو خلق ليتحمل هذه الأمانة كما أن الٱية الثانية لا تعني أن ظلم الإنسان وجهله مطلقين بل مقيدين بالتزامه وفهمه لمعنى تحمل الأمانة والاستخلاف معا وهذا هو مربط الفرس والنقطة التى إن انطلقنا منها سندرك بجلاء لما ذا وصلنا كأمة إلى ما وصلنا إليه من خور وهوان وتخلف فالله سبحانه وتعالى قد هيأ لنا ظروف تحمل الأمانة بإعطائنا العقل ووضح لنا سبل تحملها عن طريق رسله وكتبه المنزلة عليهم وشرائعهم التي جاءو ا بها وقد اختار الرسالة المحمدية لتكون خاتمة لتلك الرسالات وارتضاها لنا دينا على اعتبار أنها زبدة تراكم حضاري ديني كبير وخلاصة تطور طردي التناسب لكل التجارب والمعارف الإنسانية وقد مكن التماهي المطلق والإدراك الكلي بمقتضى ومتطلبات تحمل الأمانة وعلة الوجود الرعيل الأول من هذه الأمة من التحكم فى سيرورة التاريخ وقيادة العالم وتوجيهه لا وفق اهوائهم
بل وفق مبادئ الدين وقيم الإنسانية إذ لم يكن لذواتهم وجود خارج التعاليم الدينية فكانوا مبادئ الإسلام تسير على الأرض فاستخلفهم الله فيها
وأتمنهم عليها فما فرطوا ولا بدلوا تبديلا.
وهكذا سادت الأمة العالم وكان مرد احتفاظها بتلك السيادة تما هيها المطلق مع جوهر الرسالة وتمسكها بالدين وتطبيقها لتعاليمه وامتثالها للأوامر واجتنابها النواهي .
وهذا ما أدركه أعداء الدين والأمة فانتهزوا فرصة الارتخاء والميل إلى الحياة الدنيويه الذين عشناهمالاحقا وعملوا جهدهم لتعميق الفجوة وتقطيع أو صالنا فاندفعنا اندفاعا اعمى إلى المصيدة فوصلنا إلى ما اوصلنا أنفسنا إليه وأرادوا هم أن يو صلونا إليه
ولما كان الأمركذلك فإن خلاصنا وخلاص البشرية على ايدينا لن يكون مالم نعد إلى الجذور ونتمثل حياة السلف الصالح الذي أعد لحمل الأمانة فحملها بفضل فهمه وعمله بمقتضى ذلك وتجسيده المبادئ والقيم الإسلامية
احمد سالم الوذاني